يداعبها الخجل
09-06-2013, 11:55 PM
قصة يرويها معلم ..
المكان*: مدرسة ابتدائية
الزمان*: 1417 هـ
الصف*: اﻷول اﻻبتدائي
الفصل الدراسي*: اﻷول
صفتي*: معلم صف أول ابتدائي
رابع سنة لي كمعلم ؛ وثالث سنة لي كمرب للصف اﻷول اﻻبتدائي…
كانت الحصة الثانية من يوم أحد ؛ وكانت في مادة القراءة …
بدأ الطﻼب يعملون في حل تدريب كتابي ؛ انتهى البعض …
بدأت أتجول بينهم أصوب لمن انتهى منهم من الحل ….
كنت وما زلت صاحب مسبحة ﻻ تفارق جيبي وﻻ يدي منذ مراهقتي …
وبينما كنت منحني للتصويب ﻷحد الطﻼب ؛ وإذا بالمسبحة قد ظهر جزءًا منها من فتحة جيبي….
احسست بمن يعبث فيها ويﻼمسها بأصبعه الصغير ؛ ولم ألتفت ؛ والتزمت وضعيتي ….
أطلت التدقيق في التصويب ؛ ونظرت نظرة من تحت يدي …. فماذا شاهدت ؟!
أحد الطﻼب يداعب المسبحة العالقة من فتحة جيبي … ويتبسم بهيام غريب*!!!
اعتدلت …. أخرجت السبحة بهدوء ؛ ووضعتها بحجره دون أن ألتفت إليه ؟؟
اتجهت للسبورة وعدت للشرح … وطلبت من الصغار تجهيز أنفسهم لفسحة اﻹفطار .
لمحت الصغير … وإذا به قد وضع المسبحة فوق الطاولة بين يديه ؛ يدعكها بقوة ثم يشمها ويسلهم بعينيه البريئتين الجميلتين .
تعجبت من تصرفه ولم أرغب أن يراني أرقبه .
قرع جرس نهاية الحصة ؛ وبدأ اﻷطفال يتوافدون للخارج .
وطفلي صاحب المسبحة باق في مكانه ؟؟!!
ويفعل ماكان قد فعله*!!
لم أنظر إليه … تشاغلت بترتيب الصف والسبورة*!
تقدم الطفل إلى وقال*: يبه … توقف ثم قال*: استاد سبحتك*!
مددت يدي ﻷخذها ووسط شكري له …
مسك الطفل يدي وقبلها … وقال*: أنا أحبك ياستاد ؟؟!!
نزلت له جاثيا وقبلت رأسه … وقلت له*: وأنا احبك وحظنته ؟؟ وإذا بقلبه يخفق*!!!
خرج من الصف … وخرجت ؟؟؟؟؟؟؟؟ واستفهامات كثيرة.
أن يقول لك طفل*: أحبك …. فهذا شرف كبير ﻻ زيف فيه ؛
يعادل عندي مديح المدير ودرجة اﻷداء الوظيفي بامتياز ؛ وتقدير المشرف التربوي وكيله الثناء العطر ؛ وتكريم مدير التعليم بالتميز ؛ وتتويج الوزير باﻹتقان .
مشيت في داخل أحد أروقة المدرسة ؛ فرحاً … يخالط فرحي الذهول*!!!
سبحان الله …
وإذا وكيل المدرسة في وجهي … وبعفويه سألته*: أين ملفات طﻼب الصف اﻷول اﻻبتدائي .
فأشار مشكوراً إليها في مكتبه .
استأذنته وبدأت افتش عن ملف الطالب*!!!
فقال الوكيل*: ماذا تريد … بالضبط ؟؟
فقلت*: ﻻ أعرف*!!!
فابتسم وغادر.
وصلت لملف الطفل وفتحته ؟؟!!
وصلت دفتر العائلة ….. ماذا أرى ؟ وماذا أشاهد ؟؟!!
صورة اﻷب لم تكن موجودة*!!! وختمت بختم كتب مكانها (متوفي)*!!! إنه السر المؤكد.
تبينت ﻻحقاً …. أن والد الطفل قد توفي قبل دخوله المدرسة بشهر إثر حادث مروري –رحمه الله-
وهذا الطفل اليتيم ابنه اﻷول….*!!!
كان الطفل يتمنى أن يشاركه والده تجربته المدرسية …. فغيبته أقدار الله*!!
وبﻼ نظريات علم النفس …. الطفل أرادني ( أب بديل) أعوضه حنو اﻷب الذي غاب عنه ؟؟
ذلك الموقف …. غير مسار حياتي المهنية وعﻼقاتي اﻹنسانية … بت أؤمن أن التربية قيمة ورسالة عظيمة.
ﻻحقاً …. بدأت أعزز طفلي الصغير بالمﻼمسة والسﻼم ومسح الرأس .
في الطابور الصباحي … اعتدت أن اتفقدهم واحد تلو اﻷخر .
وبعد الموقف … اعتدت أن أقف بقرب هذا الطفل .
وأتابعه في اليوم الدراسي كامﻼً ؛ وفي جميع المواد أتفقده .
نجح الطفل للصف الثاني .
وأذكر أنه كان يلعب كرة القدم في حصة التربية الرياضية ؛ فضربه أحد زمﻼئه …
انطلق باكياً … وتعدى معلم التربية الرياضية الذي كان يحكم المباراة … دخل بهو المدرسة ثم إلى غرفة المعلمين …. وأتجه لي ودموعه تسيل من عينيه ..
وقال*: فﻼن ضربني ؟؟؟
فقلت له*: ماله حق .
فقال*: قم احسب لي بلنتي*!!!!
فقلت*: أبشر .
خرجت معه للملعب المدرسي …. وأعلنت احتجاجي عند الحكم (معلم التربية الرياضية) … وهددته بأن أطالب بالحكم اﻷجنبي في المباراة القادمة …
فامتثل جزاه الله خيرا … وأخذت الصافرة وأعلنت عن بلنتي (بأثر رجعي) لصغيري.
سدد صغيري الكرة … ودوت صافرتي التي سمعها كل من في الحي معلنة الهدف ؛ وكنت أول من صفق بحرارة.
صغيري اﻵن …. اجتاز المستوى الثالث في كلية اللغة العربية في جامعة القصيم.
لن أنساك …… يا ماجد ؛ فأنت -بعد فضل الله- من ألنت قساوة قلبي ؛ وعلمتني كيف يجب أن يكون ميدان التربية والتعليم ميدان لكل ضمير حي .
كل مرة أسرد القصة …. تغالبني دموعي .
وهذه المرة أرهقتني بحق.
تحياتي لكم……
المكان*: مدرسة ابتدائية
الزمان*: 1417 هـ
الصف*: اﻷول اﻻبتدائي
الفصل الدراسي*: اﻷول
صفتي*: معلم صف أول ابتدائي
رابع سنة لي كمعلم ؛ وثالث سنة لي كمرب للصف اﻷول اﻻبتدائي…
كانت الحصة الثانية من يوم أحد ؛ وكانت في مادة القراءة …
بدأ الطﻼب يعملون في حل تدريب كتابي ؛ انتهى البعض …
بدأت أتجول بينهم أصوب لمن انتهى منهم من الحل ….
كنت وما زلت صاحب مسبحة ﻻ تفارق جيبي وﻻ يدي منذ مراهقتي …
وبينما كنت منحني للتصويب ﻷحد الطﻼب ؛ وإذا بالمسبحة قد ظهر جزءًا منها من فتحة جيبي….
احسست بمن يعبث فيها ويﻼمسها بأصبعه الصغير ؛ ولم ألتفت ؛ والتزمت وضعيتي ….
أطلت التدقيق في التصويب ؛ ونظرت نظرة من تحت يدي …. فماذا شاهدت ؟!
أحد الطﻼب يداعب المسبحة العالقة من فتحة جيبي … ويتبسم بهيام غريب*!!!
اعتدلت …. أخرجت السبحة بهدوء ؛ ووضعتها بحجره دون أن ألتفت إليه ؟؟
اتجهت للسبورة وعدت للشرح … وطلبت من الصغار تجهيز أنفسهم لفسحة اﻹفطار .
لمحت الصغير … وإذا به قد وضع المسبحة فوق الطاولة بين يديه ؛ يدعكها بقوة ثم يشمها ويسلهم بعينيه البريئتين الجميلتين .
تعجبت من تصرفه ولم أرغب أن يراني أرقبه .
قرع جرس نهاية الحصة ؛ وبدأ اﻷطفال يتوافدون للخارج .
وطفلي صاحب المسبحة باق في مكانه ؟؟!!
ويفعل ماكان قد فعله*!!
لم أنظر إليه … تشاغلت بترتيب الصف والسبورة*!
تقدم الطفل إلى وقال*: يبه … توقف ثم قال*: استاد سبحتك*!
مددت يدي ﻷخذها ووسط شكري له …
مسك الطفل يدي وقبلها … وقال*: أنا أحبك ياستاد ؟؟!!
نزلت له جاثيا وقبلت رأسه … وقلت له*: وأنا احبك وحظنته ؟؟ وإذا بقلبه يخفق*!!!
خرج من الصف … وخرجت ؟؟؟؟؟؟؟؟ واستفهامات كثيرة.
أن يقول لك طفل*: أحبك …. فهذا شرف كبير ﻻ زيف فيه ؛
يعادل عندي مديح المدير ودرجة اﻷداء الوظيفي بامتياز ؛ وتقدير المشرف التربوي وكيله الثناء العطر ؛ وتكريم مدير التعليم بالتميز ؛ وتتويج الوزير باﻹتقان .
مشيت في داخل أحد أروقة المدرسة ؛ فرحاً … يخالط فرحي الذهول*!!!
سبحان الله …
وإذا وكيل المدرسة في وجهي … وبعفويه سألته*: أين ملفات طﻼب الصف اﻷول اﻻبتدائي .
فأشار مشكوراً إليها في مكتبه .
استأذنته وبدأت افتش عن ملف الطالب*!!!
فقال الوكيل*: ماذا تريد … بالضبط ؟؟
فقلت*: ﻻ أعرف*!!!
فابتسم وغادر.
وصلت لملف الطفل وفتحته ؟؟!!
وصلت دفتر العائلة ….. ماذا أرى ؟ وماذا أشاهد ؟؟!!
صورة اﻷب لم تكن موجودة*!!! وختمت بختم كتب مكانها (متوفي)*!!! إنه السر المؤكد.
تبينت ﻻحقاً …. أن والد الطفل قد توفي قبل دخوله المدرسة بشهر إثر حادث مروري –رحمه الله-
وهذا الطفل اليتيم ابنه اﻷول….*!!!
كان الطفل يتمنى أن يشاركه والده تجربته المدرسية …. فغيبته أقدار الله*!!
وبﻼ نظريات علم النفس …. الطفل أرادني ( أب بديل) أعوضه حنو اﻷب الذي غاب عنه ؟؟
ذلك الموقف …. غير مسار حياتي المهنية وعﻼقاتي اﻹنسانية … بت أؤمن أن التربية قيمة ورسالة عظيمة.
ﻻحقاً …. بدأت أعزز طفلي الصغير بالمﻼمسة والسﻼم ومسح الرأس .
في الطابور الصباحي … اعتدت أن اتفقدهم واحد تلو اﻷخر .
وبعد الموقف … اعتدت أن أقف بقرب هذا الطفل .
وأتابعه في اليوم الدراسي كامﻼً ؛ وفي جميع المواد أتفقده .
نجح الطفل للصف الثاني .
وأذكر أنه كان يلعب كرة القدم في حصة التربية الرياضية ؛ فضربه أحد زمﻼئه …
انطلق باكياً … وتعدى معلم التربية الرياضية الذي كان يحكم المباراة … دخل بهو المدرسة ثم إلى غرفة المعلمين …. وأتجه لي ودموعه تسيل من عينيه ..
وقال*: فﻼن ضربني ؟؟؟
فقلت له*: ماله حق .
فقال*: قم احسب لي بلنتي*!!!!
فقلت*: أبشر .
خرجت معه للملعب المدرسي …. وأعلنت احتجاجي عند الحكم (معلم التربية الرياضية) … وهددته بأن أطالب بالحكم اﻷجنبي في المباراة القادمة …
فامتثل جزاه الله خيرا … وأخذت الصافرة وأعلنت عن بلنتي (بأثر رجعي) لصغيري.
سدد صغيري الكرة … ودوت صافرتي التي سمعها كل من في الحي معلنة الهدف ؛ وكنت أول من صفق بحرارة.
صغيري اﻵن …. اجتاز المستوى الثالث في كلية اللغة العربية في جامعة القصيم.
لن أنساك …… يا ماجد ؛ فأنت -بعد فضل الله- من ألنت قساوة قلبي ؛ وعلمتني كيف يجب أن يكون ميدان التربية والتعليم ميدان لكل ضمير حي .
كل مرة أسرد القصة …. تغالبني دموعي .
وهذه المرة أرهقتني بحق.
تحياتي لكم……