إضافة رد
كاتب الموضوع
عضو متألق
www.yzeeed.com
الشيخ فتح الباب خضر... العالم الصادع بالحق



كان الشيخ فتح الباب خضر مثالًا للعالم الصادع بالحق، الواعي للواقع، المهتم بأمور أمته، المجاهد بلسانه وقلمه، والمعتز بدينه، كما كان رحمه الله خطيبًا مفوهًا ينافح عن أمته، ويدعو لعودتها لسالف عهدها، وذلك بفهم عميق ورؤية واضحة.

اسمه ونشأته
هو الشيخ: فتح الباب محمد محمد خضر، ولد عام 1938م بقرية "ترعة غنيم" التابعة لمحافظة الدقهلية بمصر، لعائلة محافظة، متمسكة بالتقاليد الإسلامية.

حياته العلمية
بدأ الشيخ فتح الباب حياته بالرعي والفلاحة، كشأن أغلب الأولاد في تلك الحقبة، ولما وصل من العمر ستة عشر عامًا، رآه أحد الشيوخ فتوسم فيه النباهة والمستقبل، فطلب من أبيه أن يلحقه بالمعهد الديني فكان له ذلك؛ ولأن عمره كان متقدمًا شيئًا ما، اشترطت عليه إدارة المعهد أن يحفظ القرآن في سنة واحدة؛ فقبل التحدي، وأنجز الوعد؛ وبدأ صعود سلم المجد.

واصل الشيخ فتح الباب دراسته الأزهرية حتى تخرج متفوقًا من كلية الشريعة بالأزهر عام 1972م، وتأثر بالشيخ محمد حامد فقي، والشيخ عبد الرحمن الوكيل؛ كما تتلمذ وأعجب بكل من الشيخ شلتوت والشيخ عبد الحليم محمود رحم الله الجميع.
كان للشيخ فتح الباب عناية خاصة وكبيرة بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب ابن القيم، فتأثر بالشيخين وأشرب منهجهما في تقعيد المسائل، وطرائق التفكير، كما أنه أحب كتب الشيخ عبد الرحمن السعدي، وعكف عليها، مع عناية شديدة بميراث ابن باز وابن عثيمين من فتاوى وكتب ومجالس علمية.

حياته العملية
فور تخرجه من الجامعة وظف الشيخ فتح الباب بهيئة قضايا الدولة بمصر وذلك من عام 1972 الى عام 1983 حيث تدرج في الوظيفة حتى وصل إلى درجة مستشار قضائي بهيئة قضايا الدولة، وفي عام 1983م انتقل للعمل بمركز الدعوة والارشاد السعودي ليتفرغ تمامًا للعمل الدعوي الذي أشرب حبه، وملأ شغاف قلبه، ثم انتقل عام 2001م للعمل بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر وهي المرحلة الأخيرة التي ظل ينافح فيها عن دين الله، ويدعو له إلى أن لقي ربه جل وعلا.

من صفاته وأخباره
كان الشيخ فتح الباب صريح في قول كلمة الحق، جريء في المواقف، لا يعرف التردد أو المداهنة، ولا يخضع لتهديد أو وعيد، بل يصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما كان رحمه الله شغوفًا بالعلوم، حريصًا على نشرها وتعليم الناس، وهو في ذلك رجل دعوة، هَمُّه مخاطبة العقول، وإيقاظ الضمائر، وتذكير الغافلين بالعبارة الميسّرة دونما تكلف أو تقعر...

وكانت له دروس وخطب ومواعظ في المساجد في أغلب أيام الأسبوع، يشرح للناس فيها حقيقة الإسلام، وواجب المسلم نحو دينه وأمته، كما كان يفتح أعينهم على مخططات أعداء الإسلام، ومكائدهم، ويحذِّرهم من حركات الهدم، كالشيوعية والماسونية والعلمانية والوجودية.

كان له اهتمام شديد بالشباب والأطفال والنساء، يحرص على تعليمهم؛ خاصة التوحيد، والتربية الإسلامية التي تقودهم للخير وتحببهم في الدين. نشط الشيخ رحمه الله في الدورات العلمية والدعوية، ولم يكن يأخذ على تلك الدورات مكافأة مالية مكتفيًا براتبه الأصلي، ويعتبر أن هذه الدورات ودروس المساجد من الواجب الذي ينبغي أن يكون بدون مقابل مادي فذلك أدعى للقبول والإخلاص فيه، وقد كان الشيخ يعد دروسه اعدادًا جيدًا، ويمكث وقتًا طويلًا في اعداد الدرس الواحد.

كان لا يحب الأضواء ويكره الاعلام، ويري أن التسجيل والتصوير الإعلامي يقلل من النفع بالدرس، لتحول الإنسان إلى تهيئة الصورة وجمالها، ويحد من انطلاق الدرس ويسره، ويجعل فيه من التكلف ما قد يقلل من النفع بالدرس.
للشيخ اهتمام بأمر المسلمين يفوق حد الوصف، فهو يتابع أخبار المسلمين في كل مكان ويفرح لسرورهم، كما أنه قد يمرض حتى يلزم الفراش بسبب نكبة أصابت المسلمين في مكان قصي فأبلغ بها، وقد كان رحمه الله يسعى في حاجة المحتاجين، ويشفع لهم، وربما سعى حتى في قضاء ديونهم.

للشيخ نظام صارم في حياته فهو يحب الهدوء ويكره الصخب، ووقته منظم، ينام بعد العشاء مباشرة، ويستيقظ قبل الفجر بساعتين تقريبًا، يصلي فيهما ما شاء الله له، ويقرأ القرآن، ويحضر دروسه، فإذا صل الفجر انشغل بالذكر، ثم تناول الافطار ثم الخروج للعمل، ليعود بعد الظهر لقيلولة يسيرة، ليكون ختام يومه دروس وتعليم وتربية.

حياته مع أسرته
كان للشيخ الشيخ فتح الباب طريقة عجيبة مع أهله وأولاده، فهو ودود كريم، مع حزم وقوة في الحق، يسايرهم ويسير بهم، في تربية متوازنة، ويخرج معهم في المتنزهات، ويعطيهم من وقته الكثير، رغم كل الانشغالات، ويحرص أن تكون حياة أسرته وفق شريعة الرحمن.

مؤلفـاتــه
لم يهتم الشيخ فتح الباب كثيرا بالتأليف بقدر اهتمامه بالدروس، وذلك لأنه لا يحب الشهرة ويميل إلى خمول الذكر، وقد ترك مذكرات أشبه بالكتب وهي: 1 – مختصر فتح المجيد 2- عقيدة المسلم 3- دروس في التوحيد وأركان الإيمان 4- أضواء على حلية طالب العلم.

وفـاتـه
اشتد عليه المرض في السنوات الثلاث الأخيرة من عمره فأصيب بالفشل الكلوي، وتليف الكبد، فكان صابرًا محتسبًا يعلوه البشر وطمأنينة، توفي إلى رحمة الله ليلة 21 من رمضان 1439ه= 5/ 6/ 2018م ودفن بمقابر مسيمير بقطر وصلى عليه جمع كبير من الناس يتقدمهم الدعاة وأئمة المساجد بدولة قطر[1].



[1] إسلام ويب.


شارك هذا الموضوع